قصة زوجتي (الجزء الأخير)
شاهدت هديل وهي واقفة على أربعة أطراف وتزل بشكل مرعب نحو أسيل، التي كانت متقزمة في زاوية الغرفة وتبكي بشدة. صرخت بصوت عالٍ قائلة “هديل”. نظرت إلي بنظرة مرعبة تجمدت الدماء في عروقي، وظلت تتزل بطريقة غريبة ومروعة. حاولت أن تمسك برأسها الذي ارتطم بها بقوة، وظلت تتحرك كأنها تعاني من نوبة صرع شديدة. أبعدت هديل عن أسيل واحتضنتها وأنا مرعوب عليها. قمنا بالذهاب إلى المستشفى وأجرينا الفحوصات، لكن لم يتضح شيء ملموس.
عدنا إلى المنزل وأنا مكتئب، شعرت بخوف كبير جدًا، شعرت بأنني وحيد، وشعرت بالخطر في كل مكان حولي. زاد الرعب عندما دخلت أسيل الحمام في الليل وسمعت صراخها من الداخل. وكالعادة، لم يفتح الباب، حاولت تحطيمه ولكنه كان صلبًا ومتينًا، ومن ورائي سمعت ضحكات، كانت هديل تتحدث بصوت خشن وتقول: “اتركها تتعاقب، وإلا سأعاقبك أنت”.
للمرة الأولى، شعرت بالرعب من ابنتي الصغيرة، لكن لم يكن بإمكاني ترك ابنتي في الحمام. حاولت مرة واثنتين حتى انكسر الباب، ودخلت لأجد أسيل مغشيًا عليها في الحمام، وهديل لا تزال تضحك وتستمتع كما لو أنها فرحانة بعدو أبدي.
عدنا إلى المستشفى مرة أخرى وأجرينا فحوصات جديدة، لكن لم يظهر أي تغيير. عدت إلى المنزل وأنا محطم، شعرت بالانهيار الكبير، شعرت وكأنني طفل صغير يرغب في أن يحتضنه شخص كبير. في تلك اللحظة، تذكرت زينب وبكيت أكثر من أي وقت مضى على رحيلها، لأنها لو كانت بجانبي لكانت قادرة على تهدئتي كثيرًا.
نشرت المصلى بعد أن نامت البنات، وظللت أدعو الله بشدة. دعوته أن ينقذنا بشفاعة الأم الرحيمة، ودعوته بأعمالها الصالحة ليكرمها بعد وفاتها من خلال بناتها. دعوت بشدة وأنا أبكي بشدة.
في النهاية، نمت وشعرت بأن زينب تقرع عليَّ، رأيت وجهها الأبيض المبتسم بطريقة جميلة جدًا، وقلت: “زينب، أنت على قيد الحياة”.
وقد عاد الابتسامة لشفتي، ولكنها لم تدم طويلاً. قلت بحيرة، “أية، البنات يتعرضون لأمور غريبة، هل تستطيعين مساعدتي؟”
في تلك اللحظة، تذكرت واحدة من خدم النظافة التي كانت تحضر للتعزية. لمحت لها بسرعة ورأيت وجهاً مبهدلاً. وانتهى الحلم، استيقظت وأنا في حالة من الارتباك والعدم فهم. وبعد تفكير طويل، تذكرت أخيرًا. إنها إحدى النساء الست اللاتي كنتم تسلمون عليهن في يوم التعزية.
أسرعت لأوقظ أسيل وبدأت أسألها بانفعال عن هؤلاء النساء المبهدلات اللاتي كانوا يسلمن عليهن في يوم التعزية.
بعد بعض المحاولات الطويلة، تذكرت وأجابت قائلة، “إنهن خادمات النظافة اللاتي كانت تعرفهن زينب، رحمها الله، وكانت تخصص راتب ألف جنيه لكل واحدة منهن شهريًا. كانت تأتي كل شهر لتجمع النقود منا وتسلمها لهن، وكانت تفعل ذلك لمدة تقارب الثلاث سنوات”.
في تلك اللحظة، تذكرت أخيرًا. تذكرت عندما طلبت زينب مني السماح لها بصرف مصروف الألفين جنيه الذي كانت تأخذه شهريًا مني للنفقات المنزلية، وقبلت طلبها. إنها صدقة عظيمة كانت تخصصها بالكامل للمحتاجين.
نظرت إلى زوج أية وقلت بصوت مكسور، “لكني لا أزال لا أفهم”.
ألطف بي وقال، “لقد فهمت، واضح أن هناك شخصًا يمارس السحر بشدة على بناتك، نعوذ بالله من ذلك. وكانت الأضرار متجاوبة بفضل صدقات مراتك، فالصدقة ترفع أعظم البلاء، وكان هناك فضل متجاوب لسنوات طويلة حتى توفت مراتك وتوقفت الصدقة. وعندما جاءت إليك في الحلم، كانت تخبرك أن الحل هو مواصلة صدقاتك لهؤلاء النساء مرة أخرى”.
لم أستطع أن أتحمل دموعي وبدأت بالبكاء بشدة أمام أية. بكيت كثيرًا، فكم كانت مراتي عظيمة، إنها ستة عظيمة في عيني الله، حيث منعت بلاءً كبيرًا عن بيتي طوال فترة حياتها. وحتى بعد وفاتها، كانت مساعدتي بمشيئة الله. في تلك اللحظة، استكمل الرجل كلامه قائلاً، “على أي حال، سنأخذ بناتك لمعالج جيد لنفحص قصة السحر. ولكن استمر في إكمال الصدقة التي كانت تعملها مراتك ولا تتوقف أبدًا”.
والغريب في الأمر أن كلامه كان صحيحًا، وتماثلت حالة بناتي للتحسن بعد أن عالجهم المعالج. وقال لي أن السحر كان موجودًا منذ زمن بعيد، وأن تلك الستة الفاسدة كانت خادمات للسحر. واستغرب كيف بدأ تأثيره في هذه الأيام فقط، لكني كنت أعرف، صدقة مراتي كانت تحمينا من بلاء عظيم. صدقة مراتي صنعت معجزة في بيتي لمدة ثلاث سنوات، وفي ذلك الوقت، تذكرت كل حديث عن الصدقة وإطعام الطعام، تذكرت أن كل شخص سيندم في يوم القيامة ويقول:
فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ
ويبدو أن الندم لن يكون بسبب تضييع الفرص العبادية فحسب، بل أيضًا بسبب قلة الصدقات. فإنهم سيرون يوم القيامة مدى عظمة أجر الصدقة وكيف أنها تحمي من النار وتطفئ غضب الله، وكيف أنها تحمي من البلايا في الدنيا. أشكرك يا زينب، وأشكر كل امرأة تسعى لرضا زوجها وتعمل في سبيل الخير لوجه الله. وأشكر كل شخص يقدم صدقة لوجه الله، حتى وإن لم يدرك أنه يقوم بأعظم الأعمال عند الله.
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
صدق الله العظيم
إذا أتممت القراءة صل على النبي