قصة وعبرة… زوجتي الأولى
كنت سعيدًا في حياتي، لدي زوجة صالحة وجميلة، وجلستها لا تمل. ومع ذلك، بدأت تظهر عليها علامات الكبر، على الرغم من أنها ما زالت تحتفظ بالكثير من الجمال الروحي. كبر الأولاد وتزوجوا ولم يبقى سوى العنقود الأخير. فأحببت التغيير وتجديد شبابي من خلال فتاة صغيرة جميلة، وبالفعل قمت بخطبتها وعقدت عليها. صرحت لزوجتي بزواجي من أخرى وأن الدخلة ستكون غدًا. بكت زوجتي وعاتبتني، ثم طلبت مني شراء بيت كضمان، لكني رفضت. اشتد النقاش بيننا، ولأول مرة سمعت زوجتي الهادئة والرزينة ترفع صوتها علي، حتى قالت: “أنا بعتك الآن”. فرددت الكلمات نفسها: “وأنا أيضًا”، وألقيت عليها يمين الطلاق من شدة غضبي. هي لم تهتم وزادت في رفع صوتها. هربت من ضغط المواجهة إلى الشقة التي جهزتها للعروس.
وأنا أحلم بأجمل الأيام التي ستأتي بزوجتي الجديدة، قررت عدم رد زوجتي الأولى تأديباً لها وحتى إذلالها، لأنني شعرت بكره عجيب لها بعد المشادة بيننا، وتركتها ولم أرجع إلى المنزل. تزوجت من اليوم التالي وطاردني الفرح مع زوجتي الجديدة، وطويت صفحة حياتي مع زوجتي الأولى. سافرنا لقضاء شهر العسل في ماليزيا وصببت حبي وعواطفي لهذه الزوجة ونسيت الأخرى.
بعد عودتي إلى السعودية، كنت أنتظر اتصالًا أو اعتذارًا من زوجتي الأولى بسبب ما حدث، ولكن لم يحدث ذلك، مما زاد في عنادي ومكابرتي. طلب أكبر أبنائي مني أن أرضي زوجتي وأعيدها إلى عصمتي، لكني شرطت عليها الاعتذار مني عما بدر منها. لكنهم أخبروني أنها هي الغاضبة، وليس أنا، ولكني رفضت الاستماع لهم وركبت رأسي من العناد، وأمرتها بمغادرة المنزل لأقوم بترميمه، دون أن أسأل عنها أو عن أبنائها. وعندما جاءوا لزيارتي في شقتي، كنت أستقبلهم ببرود. ومضت خمسة أشهر …
كانت اهتماماتي تركز حول ترميم المنزل عندما أخبرتني زوجتي بحملها، والذي كان مفاجئًا لي لأنها كانت متزوجة سابقًا لمدة عشر سنوات دون أن تنجب. بالرغم من أنني لم أكن أرغب في الأطفال، إلا أنني لم أستطع تحمل الفكرة وذهبت مع زوجتي إلى بيت عائلتها بسبب نزيفها وصعوبات الحمل. بعدما بقيت وحيدًا، قررت رد زوجتي إلى عصمتي، ولكن تفاجأت بأن ابني أخبرني أن زوجتي تزوجت من جارنا بعد أن خطبها، وهو الشخص الذي توفيت زوجته قبل خمس سنوات وترك أبنه وابنته وحيدين. أحسست بالحرقة في جوفي وأخبرني ابني بأن زوجتي كانت تعيش معه ولم تشعر بالارتياح مع زوجتي، وحتى قبل خطوبتها لم يكن لديها مصير آخر، وأنا لم أكن أعلم ما يجب أن أفعل.
دخلت إلى شقتي ورميت نفسي على السرير باكياً كطفل صغير، شعرت بأنني فقدت الكثير وندمت على قراراتي السابقة. لكنني لم أدمُ طويلاً على هذا الندم. تركت الشقة وعشت مع زوجتي في منزلنا الجديد الذي قمنا بترميمه، وبعد فترة وجيزة، أنجبت زوجتي ولدان توأمان ثم بنت. وبهذا أصبح لدي ثلاثة أطفال في غضون سنتين. لكن زوجتي انشغلت بعناية الأطفال وتربيتهم، وكثرت احتياجاتها للحفاظات والحليب وغيرها من المستلزمات الضرورية للأطفال. بينما أنا بدأت في العمر ولا أستطيع التعامل مع هذه الأمور اليومية بكل سهولة، خاصةً أن زوجتي هي الوحيدة التي تعنى بهذه الأمور. حاولت مساعدتها بإحضار خادمتين، لكنهن عملن لها ولعائلتها، بينما أنا كنت وحيداً في منزلي. زوجتي كانت دائماً تذكرني بفارق السن بيننا، وكيف أنني يجب أن أتحمل ذلك. أصبحت أشعر بالوحدة والإحباط، حتى قررت السفر لأداء العمرة، وعندما أخبرت زوجتي بذلك، لم تبدي أي اهتمام، بل بالعكس كانت سعيدة لأنني سأكون بعيداً عنها لفترة. خلال رحلتي، قابلت الجار أبو فهد الذي كان يقيم في نفس الفندق. لم أكن أتوقع أن أجده بهذا الحال الصحي الجيد، فقد تحسن كثيراً.
عندما رأيته، لاحظت أن وجهه مضيءًا بالفرح. أخبرني بأنه يقيم في مكة منذ شهر، ودعوته برفقة جوهرتي الثمينة التي كانت تحتضنها بيده، وهي تلتصق بذراعه وتهمس له بكل حب وحنان كما كانت تفعل معي سابقًا. لم أستطع الصمت، فتنهدت بحزن وحسرة، ثم توجهت للحرم لأداء الصلاة وأدعو الله أن يرضى علي بقضائه. هذه قصة حقيقية تعلمنا منها أن أي رجل يمكنه أن يتخيل نفسه الرابح، لكن في النهاية قد يكون هو الخاسر الأكبر إذا فقد شريك حياته ورمى بعيدًا سنوات العمر. لذلك يجب على كل رجل فهم هذا الدرس الحقيقي.