قصة راعي الغنم (الجزء الثاني)
تباً! إنه العمل، إنها التاسعة. هرعت تجري وسط زحمة السير، وهي تردد في نفسها “سيطردني، سيطردني”. وصلت متأخرة، وكانت تمشي برأس منخفض، خائفة من فقدان ما حلمت به سابقًا. عندما دخلت مكتب الأمانة، التقتها إحدى الموظفات وقالت لها: “اذهبي، إنه ينتظرك”. تباً! سيفصلني. دقت الباب وسمعت الصوت يقول: “تفضلي، اجلسي”. جلست وسأل: “ما بكِ؟ لم تصلي في الموعد المحدد”. فأجابت قائلة: “عذرًا سيدي، لقد نمت ولم أستيقظ إلا والوقت الآن التاسعة! اعذرني، أرجوك، لن يتكرر معي مرة أخرى”. فابتسم وقال: “هل يمكنني أن أعطيك سرًا يبقى بيننا؟” فظلت صامتة.
ثم قال: “عندما كنت أعمل في مكان آخر، كان والدي يناديني دومًا بالكسول. ولكن هناك شخصًا أعطاني دفعة لأستفيق من غفوتي. إنها امرأة غبية، ولكنني أحببت غبائها لأنها جعلتني هنا. سأعذرك هذه المرة، ولكن احسبيها مرة أخرى، لأنني لست من النوع الذي يترك الأخطاء تتكرر. هل هذا مفهوم؟”
حسنًا، حسنًا، سيدي، أعدك بذلك. لن يتكرر مرة أخرى. وعندما وصلت إلى الباب، نادى باسمها. استدارت وقال: “شكرًا لك…؟؟؟” فسألته على ماذا يشكرها. فأجاب: “لا شيء”. أغلقت الباب وراءها واستغربت من شكره لها. وعندما رفعت رأسها، لاحظت أن جميع الموظفين ينظرون إليها، وكانوا جميعًا مشوشين لأنهم لم يسمعوا صراخها العادي. ذهبت وجلست على كرسيها وبدأت العمل، كأنها اليوم الأول لها لتغيير حياتها.
بدأت العمل بعزم وتفاؤل، لكي تغير حياتها، وحتى طابع شخصيتها. الكبر والتكبر والغرور كانت تلك صفاتها السابقة. أصبحت الآن مليئة بالابتسامة والجمال والتعاون. كانت تحت المراقبة المستمرة من قبل الرئيس، يناديها ويستشيرها في كل قضية صغيرة وكبيرة. بدأت الغيرة تظلل الموظفين بسبب مكانتها. بدأت الشائعات والأقاويل تنتشر حولها، ولكنها لم تكن تدرك ما يحاك ضدها. وكلما زادت المظالم من حولها، زاد انتباه الرئيس لها واعتماده عليها. وفي يوم من الأيام، جاءت إلى العمل كعادتها.
كانت عيناها محمرتين من شدة الحزن، ومع ذلك تبدو جميلة ربانية. ناداها عنا ودخلت، كانت ترد عليه بـ “صباح الخير سيدي”، ولكنها لم تنظر إليه كما هي العادة. كأنها رمته بسهام الغضب. قال لها: “ما بك؟ لا شيء؟” فأجابت قائلة: “أشعر بتعب فقط، سيدي”. قال: “هل ترغبين في راحة من العمل؟” فردت قائلة: “لا سيدي، لا يمكنني أن أخصم أيام راحتي، فأنا بحاجة إلى كل جنيه لأعيل عائلتي”. قال: “هل ترغبين في سلفة من المؤسسة؟” فأجابت قائلة: “نعم، سيدي، فقد ترددت في طلبها سابقًا لأنني بحاجتها لعملية لوالدتي، فهي مريضة ومضطربة في السرير”. قال: “ما هو المبلغ المطلوب؟” فأجابت قائلة: “هو كذا”.