لـيلة الدخلـة (الجزء الخامس والعشرون)
فضلت أصرخ وأقول لهم: “أبوس أيديكم، اصبروا دقيقة واحدة فقط، أنا لا أريد سوى دقيقة واحدة لأعود إلى ربي.” ولكن لم يسمعني أحد، أغلقوا القبر عليَّ وتركوني وحدي في الظلام، كنت خائفة ونادمة، لكن الوقت كان متأخرًا للندم.
فقد سمعت خطواتهم وهم يبتعدون، وبقيت وحدي في الخوف والضعف. كنت أتمنى أن تتوقف خطواتهم وأن يبقوا لبعض الوقت، لكني سمعت أصواتًا تبتعد بعيدًا. وجلست أبكي وأستغيث بالله الرحمن الرحيم، وأقول: “يا رب، يارب، يا رب، يا رب”، وفي تلك اللحظة، شعرت بيد تلطم وجهي وسمعت صوتًا يقول لي: “ونعم بالله”.
فتحت عيني لأجد أمامي (محمااا)، فنظرت حولي وسألته بخوف: “أنا فين؟” فأجاب محمااا قائلاً: “كنتِ مغماة عليكِ على السلم، سقطتِ وضربت رأسك على السلم وفقدتِ الوعي”. فنظرت إلى محمااا وقلت: “يعني أنا كنت بحلم؟” فردَّ محمااا قائلاً: “نعم، كنتِ تعاني من فقدان الوعي واستعدتِ”.
أعطيته الشنطة وبعد أن تأكدت من عدم اكتشافها، رميت كيس السم في سلة المهملات بدون أن يعلم محمااا بما فعلته. ثم قمت بطلب سجادة الصلاة والأدلة من أم محمااا، ثم نزلت مرة أخرى على السلم لأذهب إلى شقتي. سألني محمااا: “رايحة فين؟” فأجبت قائلة: “رايحة لأصلي وأتوب قبل أن يفوت الأوان”.
فتوجهت فعلاً لأداء الصلاة ووقفت على سجادة الصلاة وأنا خجلانة من نفسي. قلت في نفسي: “يجب أن أحاسب نفسي وأستعد ليوم لا يُعلم متى سيأتي، لا يُمكننا أن نضيع الوقت”. ثم تذكرت كم كنت قد ارتكبت المعاصي وقلت أنا أيضًا: “لا بد أنني أستغفر ربي وأتوب إليه، فإن الله يغفر الذنوب جميعًا”.
بعد انتهائي من الصلاة، قررت أن أرجو الله في دعاء أخير وأقول: “اللهم إني فوضتُ أمري إليك، لله الأمر من قبل ومن بعد”. وبعد أن أنهيت الصلاة و
بعد انتهاء الصلاة والدعاء، بدأت أفكر في المصيبة التي أجد نفسي فيها وتذكرت المهلة والخيارات الصعبة التي تواجهني. كنت محتارة وأتساءل، ماذا سأفعل بعد ذلك؟ أنا لا أستطيع قتل هند وشيماء، ولا يمكنني قتل نفسي وأن أموت كافرة، ولا يمكنني تنفيذ أوامر الوسيط. ما الذي سأفعله بعد ذلك؟ كيف سأتصرف؟ الوقت يمضي والمهلة قد اقتربت من النهاية.
وفي تلك اللحظة، سمعت طرقًا على الباب. سارعت لأفتح الباب لأجد نفسي أمام هاني وعدد من الأشخاص الذين يبدون مثل البلطجية. كان واضحًا أن هاني قرر أن يجتهد بطريقته ويأخذنا بالقوة لإتمام عملية التبادل وتسليم القربان للجان.
ومع ذلك، بما أنني كنت أدرك ما يدور في ذهنه، لم أعطه أي فرصة لتنفيذ ما يخطط له. ركضت بسرعة إلى البلكونة وبدأت أصرخ بصوت عالٍ، ما أفاقت شيما وهند واستجابت لصوتي. وعندما رأوا هاني ومن معه، بدأوا أيضًا في الصراخ. وفي تلك اللحظة، تجمع الجيران حولنا، وتمكنوا من السيطرة على هاني ومرافقيه.
وبعد أن اتهمنا هاني ومن معه بمحاولة التحرش والاغتصاب، قام الجيران بإحضارهم إلى القسم. كان من المفترض أن نذهب معهم، أنا وأخواتي، لندلي بشهادتنا. ومع ذلك، في تلك اللحظة، قررت أن أأخذ أخواتي ونهرب، لأنني كنت واثقة من أن هاني لن يتركنا لوحدنا، وكما عرف طريقنا في الإسكندرية ووصلنا إليها، فسيجده هو والجنّ الذي معه في أي مكان.
لذلك، كان علينا العودة إلى بلدنا حيث يوجد ساحر معروف يمكننا طلب المساعدة منه. كنت ناوية أن أطلب من الساحر أن يجعل جنًا من الجن يحمينا ويمنع الوسيط من إيذائنا. ولكن قبل أن يحدث ذلك، كان علي أن أقنع شيما وهند أننا يجب أن نعود إلى بلدنا.
وفعلاً، استطعت أن أقنعهم ووافقوا، وقالوا بأن وجودنا بين أهلنا سيكون آمنًا لنا بعدما فزعوا من ما حدث مع هاني ومن معه. وبما أن الوقت كان ليس كافيًا لموعد المهلة الذي أعطاه الوسيط لي، قررنا السفر نحن الثلاثة والعودة فورًا إلى بلدنا.
وبمجرد وصولنا إلى البلد، قدمنا أعذارًا لغيابنا عن الأهل وأحضرناهم لمكان آمن.